التعليم في اليابان

Post




في عام 1868 منذ بدأ عهد الميجي استطاع التعليم في اليابان ان يجتاز مرحلتين اساسيتين من حيث التوسع الكمي، طبقت الحكومة اليابانية برنامج اجباري للتعليم الابتدائي وذلك سنة 1872 حيث ان وقتها في نفس العام كانت نسبة طلاب الدراسة الابتدائية في بريطانيا (40%)ممن هم في سنها .

في سنة 1990م وصلت نسبة الدارسين في المرحلة الابتدائية الى 80% اما في عام 1910م فقد وصلت النسبة الى 100% في كل من اليابان وبريطانيا. اما التعليم الثانوي فقد وصلت نسبة الملتحقين به الى 12% للأعمار مابين (13/17) سنة في اليابان كانت في بريطانيا لاتتجاوز الى 4% في نفس الفترة .

اما التغيير الكبير الذي حدث في التعليم في اليابان فهو الذي حصل في المرجلة الثانوية بعد الحرب العالمية الثانية للأعمار مابين (13/18) سنة. فقد كان 18% من الطلبة اليابانيين يواصلون تعليمهم الثانوي قبل الحرب العالمية الثانية . اما بعد الحرب فقد عملت اليابان على ادخال نظام التعليم الأمريكي حيث اصبحت مدة الدراسة الابتدائية ست سنوات والمتوسطة ثلاث سنوات والثانوية ثلاث سنوات والجامعية اربع سنوات. وفي ظل هذ النظام ارتفعت نسبة الدارسين في المرحلة الثانوية في سن (16/18) من 50% في سنة 1955م الى 70% في سنة 1965م الى 90% في سنة 1975م اما في الوقت الحاضر فهي في حدود ال(94%) ان هذه السرعة في التغيير الذي حصل في مرحلة التعليم الثانوي تعتبر شيئا كبيرا اذا ماقورنت بسرعة التغيير في مرحلة التعليم الثانوي الذي حصل في الولايات المتحدة الأمريكية اذ تطلب الاتنقال من نسبة 50% الى نسبة 90% اربعين سنة .

وفي الواقع، ان الأمر الحقيقي هو الرقي النوعي للتعليم اذ واعتمادا على احصائيتين اجرتهما المؤسسة العالمية من اجل تقييم التحصيل العلمي لإختبار مدى الإستيعاب في مجال الرياضيات والعلوم،احصل طلاب الإبتدائية اليابانيون على اعلى النقاط من بين كل الطلبة الذين حضروا الإختبار بينما جاء طلاب الثانوية اليابانين في اعلى درجات سلم النتائج . بالإضافة الى ذلك فإن المستوى التحصيلي متساوي بين الطلبة اليابانين بشكل كبير. وبالرغم من ان التعليم الثانوي ليس اجباريا الا ان نسبة الذين يتخلفون عنه لاتتجاوز الـــ(12%) بينما تصل في امريكا الى 30% كما ان 35% من خريجي الثانويات اليابانيين يلتحقون بالجامعات او الكليات وان اكثر من 90% منهم يتخرجون منها.

والجامعات اليابانية يصعب الإلتحاق بها نسبيا ولكن التخرج منها سهل مما يجعل المقارنة بينها وبين الجامعات في الدول الأخرى امرا صعبا. ان الإختلافات التعليمية،والتي ترجع الى اسس تاريخية والى عادات وثقافات مختلفة، يصعب المقارنة فيما بينها وذلك باستخدام الأساليب الكمية والتي وضعت للإستعمال على المستوى العالمي.

وبالرغم من ذلك ، يبدو واضحا ان عملية تعميم التعليم قد اعطت الزخم والقوة الدافعة لعملية تحول اليابان الى بلد صناعي وفي اواخر القرن التاسع عشر وماتبع ذلك من نمو في السنوات الأخيرة.

ان انتشار التعليم الإبتدائي في اليابان سبق ثورتها الصناعية ولعب دورا رائدا في بناء اليابان الحديث. كما ان انتشار التعليم الثانوي بعد الحرب العالمية الثانية كان عاملا رئيسيا في تحول اليابان الى دولة متقدمة وهو ماتشير اليه النسبة العالية من الحضور الطلابي والناتج القومي او الدخل القومي الهائل. ولازال التوسع الكمي للتعليم الإبتدائي والثانوي يعتبر جزءا لاغنى عنه في عملية التحديث والتطوير في اليابان .

ووراء كل تلك الحقائق تكمن الثقة العالية واحيانا الزائدة عن الحد والحماس للتعليم اللذان يظهر هما الآباء. فعلى العكس من الدول الأخرى كألمانيا الغربية مثلا طالبت وزارة التعليم في اليابان الآباء بعدم الضغط على ابنائهم للحصول على نتائج اكاديمية عالية،إلا انها لم تفلح في ذلك. اذا،من اين اتت هذه الحماسة الشديدة للتعيم في اليابان.الحماسة التي لها اصول دينية؟ وهذا بالفعل هو السؤال الأهم الذي يواجه اليابان الحديث. والإجابة ليست سهلة ولكن يمكن استشفافها من خلال طريقة التفكير اليابانية حول التعليم اثناء عهد الأيدو (1600/1867) عندما كانت اليابان معزولة عن بقية اجزاء العالم واثناء العهد الميجي والذي بدأ عام 1868م.

لقد اعطي التعليم مكانة كبيرة عهد الأيدو بشكل عام وفي النصف الأول من القرن التاسع عشر بشكل خاص اذ ان الحكام العسكريين والسلطات الإدارية في كل المناطق قامو بتعليق وثيقة السياسة التعليمية في الأماكن العامة ولقد كانت بمكان للحد الذي كان يفهمها الناس من مختلق الطبقات. ان المفهوم القائم على فكرة التنوع الإنساني،هذا المفهوم الذي يقول بإمكانية تحسين مكانة الانسان في المجتمع من خلال الارتقاء العلمي والتهذيب الاخلاقي بغض النظر عن النظام الاقطاعي القائم او الحاكم،قد بدأفي الظهور من خلال كتابتا الفيلسوف الكونفوشيوسي
(1608/1648) لقد دعا هذا الفيلسوف الى تشكيل حكومة قائمة على الكفاءات والقيم . وبالرغم من عدم تطبيق فلسفته في عهد الأيدو الا ان فكرة ان بإمكان أي شخص ان يرتقي قد انتشرت في العالم بسرعة حتى ان اعدادا هائلة من اليابانيين قد بدأت تؤمن وقبل نهاية عهد الأيدو بأن التغيير الإجتماعي ماهو إلا ناتج عن رغبة وشجاعة كل فرد في المجتمع.

بعد عهد الأيدو بدأعهد الميجي في سنة 1869م ولقد اجبر حكام هذا العهد على تحقيق هدفين ولكنهما متلازمان،الهدف الأول هو اللحاق بالغرب والهدف الثاني هو الحفاظ على وحدة التراب الياباني . وتحقيقهما يعتمد على احداث تغيرات لم يسبق لها مثيل في الأجهزة الحاكمة. ان الذي يمكنهم التصدي للقيادة هم اولئك الذين تعلموا في الغرب وحصلوا على آخر المعارف والتكنولوجيا. ان العهد الجديد يحتاج الى ذوي الكفاءات من مختلف طبقات الشعب والمدارس هي الوسيلة الرئيسة لتمييزهم واكتشافهم. وقبل الميجي كان هناك نوعان من المدارس احدهما ويدعى هانكو وهو خاص بأبناء العسكريين الذين يخضعون للإقطاعيين والنوع الآخر يدعى تيراكويا وهو لأبناء التجار وغيرهم من سكان المدن والقرى . وفي عهد الميجي ، كان لابد من تشكيل نظام فائم على الكفاءات والطاقات لذلك وفي خمس سنوات من عمره اصبح يرى ابناء العسكرين الى جانب ابناء المدن والقرى في المدارس بل لم يكن يسمح ببناء مدارس خاصة ولاعامة لأولئك على وجه الخصوص . فقد كان تغييرا جذريا حقا.

لقد بدأت حالة جديدة ، وفيها اصبح التحصيل الأكاديمي اكثر اهمية للنجاح ولتحقيق المكانة الإجتماعية لأي فرد من النسب والرتبة والوضع الإجتماعي . ان الوضع الآن يعتمد على الجهد الذي يبذله أي فرد في التحصيل العلمي. وبالفعل بدأاصحاب الصناعات في القطاع الخاص .
في نهاية القرن التاسع عشر الميلادي ، بإعطاء اهمية كبيرة للتحصيل الأكاديمي الذي يتوجب توفيره في موظفيهم . وعلى العكس من الجامعات الغربية التي طورت فروعا اخرى من المعارف كالفلسفة والطب والقانون واللاهوت. اهتكت الجامعات اليابانية كثيرا بالهندسة التي تخدم وبشكل مباشر تشكيل ونمو المجتمع الصناعي الياباني. ذوهذا بالفعل ماساعد اليابان على تشكيل مكانتها كأمة صناعية حديثة.

ان التعليم في اليابان المعاصر، بدأ يتمخض من علامات مرضية باثولوجية والتي نتجت وبدقة من التوسع الكمي والكفاءة العالية جدا فيه وهذا بالفعل هو التعويض الذي يتوجب على اليابانيين ان يدفعوه بدلامن امتلاكهم




 




Leave a Reply