الدراسة في سنغافورة – الدراسة في الخارج

Post




الدراسة في سنغافورة – الدراسة في الخارج

عندما كنت في سنغافورة خلال زيارتي قمت بزيارة لمدرسة ابتدائية تسمى (فان أنق سنق)، فاخذوني لزيارة الصف الخامس الابتدائي في القسم العلمي, فتعجبت من كل ان كل طلاب الصف كانوا يرتدون زيا أو مريولا ذا لون موحد، وفي صدر كل مريول مسجل اسم الطالب بأحرف كبيرة, وفي الصالة المواجهة للصف الخامس شاهدت شريطا أصفرا محددا لمنطقة مربعة يوجد بوسطها رجل مسجي بلا حراك، وعلي قميصه آثار دماء حمراء .
أدركت معني وجود هذا الرجل المسجي في الصالة بلا حراك، حينما بدأت المعلمة بكتابة عنوان الدرس علي السبورة فقد كتبت (DNA), أي دراسة الحمض النووي للأشخاص، ويتم ذلك عبر البحث والفحص والتقصي العملي, فقد تمت علي المسرح حادثة القتل الجنائية وتطلب المدرسة من الطلاب ضرورة البحث والتقصي بحيث يتحتم عليهم إجراء عمليات البصمات والتقصي حتى يتوصلوا للمجرم الذي ارتكب الحادثة.

وبما إنني موجود بمسرح الجريمة فقد تقدم مني أحد الطلاب وأجري لي عملية الفحص الخاصة بالحمض النووي, هذا العمل العلمي الدقيق بجانب إعداد مسرح الجريمة والعمل علي كشف الجريمة في الحال, جعلني أحسد هؤلاء الطلاب علي ما نالوا من دراسة متقدمة ومتطورة، وفي مثل هذه السن المبكرة, وتحسرت علي حالي لأنني لم أنل مثل هذه الدراسة المتطورة والمتقدمة علميا.

وحينما سألت المدرسة لماذا تدرسون طلابكم مثل هذه العلوم المتقدمة وفي هذه السن المبكرة؟ أجابت المدرسة: “إننا نطمح بدفع بلدنا سنغافورة خطوات وخطوات للأمام؛ ولذا فإننا نحاول دفع الطلاب في سن مبكرة للأمام في نفس الاتجاه التي تطمح سنغافورة بالوصول إليه).
أصبت بالاندهاش والحيرة، نحن في أمريكا منهمكون في السياسة الخارجية، ويهمنا إقامة مدارس في الدول الأخرى، مثل: جزر هايتي.. ولا يهمنا إقامة مدارس بهذه المواصفات في ولاية ألباما!).

كل العالم يعلم أن سنغافورة تعتبر بلدا فقيرا جدا في مواردها الطبيعية، وبل إنها تستورد الرمال لتبني بها منازلها، ولكن على الرغم من الشح الهائل في كل الموارد الطبيعية، فإننا نجد سنغافورة تأتي في المرتبة التالية في مستوي الدخل الفردي بالنسبة لأمريكا، ويرجع ذلك إلى النهضة الكبيرة في مجال التقنية والتكنولوجيا حيث قفز مستوي الاقتصاد فيها في العام الماضي ليبلغ نحو 14,7%.

ويتساءل الاقتصادي السنغافوري فان كونق: “ماهو العالم الذي نعيش فيه؟ وما الكيفية المثلي لكي نتطور وتزدهر بلادنا؟
وفي أغلب الأحيان نمثل أنفسنا بأننا نعيش في كوخ من القش وليست لهذه الأكواخ مصدات وحواجز تحمينا من الرياح والأمطار العاصفة, بينما تعيش أمريكا في منازل مصنوعة من الطوب الأسمنتي ومزودة بأجهزة تكييف مركزية، وبالتالي تعيشون بعيدا عن التهديد، بينما نحن نعيش في حالة تهديد دائمة“.

حينها أدركت أن سنغافورة تعمل علي تأكيد أن التعليم يعتبر حجر الزاوية للأساس الذي تقوم وترتكز عليه عملية النهضة الإنسانية والاقتصادية التي يطمحون للوصول إليها, لا سيما وأن التعليم يمنح ابن البلد الثقة في النفس، وفي إمكاناته التي يتعامل بها؛ مما يجعله يقدم المفيد لبلده، وبالتالي ينعكس هذا العمل إيجابا علي اقتصاد بلده.
خطط رجالات التعليم بسنغافورة لوجود فرصة لنحو 40% من طلابهم لنيل فرصة مواصلة تعليمهم الجامعي, بينما يعملون علي انخراط البقية في مجال المعاهد التقنية والعلوم التطبيقية والتعليم المهني، حيث ينالوا التعليم المهني المتخصص الذي يخرج عمالا مهرة.
وفي هذا الخصوص يتحدث رافي منتون ـ سكرتير وزارة التجارة السنغافوري ـ قائلا: “إننا نتبع في مجال التعليم المذهب العملي، وهو الذي يعمل بالفلسفة التي تقود للنتائج الباهرة, فإذا لم ينتج المقرر المتبع نتائج باهرة، فإننا نتركه ونحاول وضع مقرر آخر يلبي ما نصبو إليه, وأضاف إننا نتبع في وزارتنا سياسة السوق الحر، بحيث نحاول تشجيع العمل في المجال الصناعي والتكنولوجي ،ولذا غالبا ما تنجح تلك المصانع والتي عادة ما نطلب منها كضرائب سنوية مبلغا ضخما لا يقل عن المليون دولار كأقل ضريبة لأي مصنع, وهذا العمل يقلل من الفساد والرشوة“.
وفي هذا الصدد يتحدث لنا عميد كلية لي كوان للسياسة العامة: “إننا بعثنا طلابنا ليدرسوا بجامعاتكم الشهيرة علميا مثل هارفاد , كنيدي … إلخ , وحينما عادوا لبلدنا بثوا علومهم بصورة جادة, وها نحن نجني ثمار ما حصدوا“.
حينها أدركت أننا نمتلك منازل من الطوب الأسمنتي، ونتمتع بأجهزة التكييف المركزي، ولكنها في طريقها للتهدم والخراب؛ لأنها صمدت دهورا، وصدأت وما عادت تصمد في مواجهة الرياح والأمطار العاصفة!!.

وقد دفعت الجهود الرامية إلى تحسين مهارات الطلبة الأميركيين، المدارس، على مدى عقود، إلى تبني أكثر من برنامج رياضيات، فخلال عقد الستينات تبنت المدارس برنامج «نيو ماث»، الذي ركز على النظريات المجردة ودفع إلى العودة إلى الأساسيات، مؤكدا على ضرورة التعلم عبر الحفظ والتدريبات، لكن البرنامج لم يثبت كفاءة، فتم التحول في ما بعد إلى «ريفورم ماث»، الذي سخر النقاد من تركيزه على حل المشكلات والإدراك المفاهيمي الذي وصفوه بـ«الرياضيات الجديدة».

ربما يكون برنامج «رياضيات سنغافورة» اختراعا جديدا أيضا، لكن مناصري هذه الطريقة يقولون إنها تبدو السبيل الأمثل للتغلب على الصعوبات التي تواجهها المدارس في تدريس الرياضيات، حيث كل الأطفال يتعلمون بطريقة مختلفة. وعلى عكس أغلب برامج الرياضيات في الولايات المتحدة، يخصص برنامج «رياضيات سنغافورة» وقتا أطول لموضوعات أقل، لضمان إتقان الأطفال المادة عبر تعليمات تفصيلية وأسئلة وحل مسائل والمساعدة البصرية واستخدام الأدوات المساعدة مثل المربعات والبطاقات والجداول. ولا ينتقل الطلاب إلى الرقم التالي حتى يفهموا الموضوع فهما جيدا.

ويرى مديرو المدارس والمعلمون أن البطء في عملية التعليم تعطي الطلبة أسس رياضيات قوية يمكنهم البناء عليها للحصول على مهارات رياضية متطورة، وجعلهم أقل احتمالية لأن ينسوا، وينبغي مراجعة تلك المواد التي درست في السنوات التالية.

ومع برنامج «رياضيات سنغافورة»، يتسارع التقدم خلال الصفين الرابع والخامس، مما يجعل الأولاد متقدمين على نظرائهم في برامج الرياضيات الأخرى في فهم المسائل المعقدة بسرعة أكبر.

وقال دانيل سانتورو، مساعدة مدير المدرسة العامة 132 في ويليامسبورغ، في بروكلين، التي أدخلت نظام سنغافورة العام الماضي لكل طلاب روضة الأطفال الـ700 عبر الصف الخامس: «برنامجنا القديم (إفري داي ماث)، لم يقم بذلك. ففي أحد الأيام يكون الحديث عن المال، وفي اليوم التالي عن الوقت.. ولا تعود إلى هذه الأفكار قبل بعد أسبوع».

الميزة الكبيرة في برنامج «رياضيات سنغافورة» هو أنه قلص حروب الرياضيات في العقود الأخيرة حول تدريس الرياضيات التقليدية أو «ريفورم ماث»، فقد وصف المعلمون والآباء برنامج «رياضيات سنغافورة» بأنه المنهج الأكثر توازنا بين الاثنين، حيث يمزج بين نظام الحلول الحسابية القديمة بالتمثيل البصري والتفكير النقدي.

ويقوم معلمو الرياضيات في مدارس فرانكلين ليكس بتعلم نظام الرياضيات الجديد خلال نقلهم المعرفة إلى طلابهم. ففي صباح أحد أيام الأسبوع الماضي عمل كوفللو مع 6 مدرسين آخرين ومستشار حول كيفية تعزيز الرقم 8 لدى الأطفال. في البداية قدموا لحنا جذابا حول 8 برتقالات، ثم بدأوا بالعد واحدا تلو الآخر في الوقت الذي حاولوا فيه تكوين الرقم 8.




برنامج «رياضيات سنغافورة» قام بتطويره وزير التعليم السنغافوري قبل 30 عاما، وتم استيراد كتب الرياضيات منذ أكثر من عشرة أعوام. كان أوائل من تبنوا هذا النظام التعليمي الآباء الذين يعلمون أبناءهم في المنازل وعدد قليل من المدارس التي سمعت به.

واليوم يمكن إيجاد البرنامج الجديد في مدارس الحي مثل المدرسة «بي إس 132»، التي تخدم الطلبة الفقراء، إلى جانب مدارس النخبة مثل مدرسة «هانتر كولدج» الابتدائية، وهي مدرسة عامة للطلاب الموهوبين في منهاتن، وكذلك مدرسة «سيدويل فريندز» في واشنطن، وهي مدرسة خاصة تدرس فيها ابنتا الرئيس باراك أوباما.

وتشير شركة «SingaporeMath.com» التي تقوم بتوزيع كتب «الرياضيات الأولية» في الولايات المتحدة إلى أنها تبيع هذه الكتب إلى أكثر من 1500 مدرسة، ضعف العدد في عام 2008. كما تستخدم الآن كتب «ماث إن فوكاس»، النسخة الأميركية من سلسلة الرياضيات الشهيرة في سنغافورة، التي تصدرها دار «هوتون ميفلين هاركورت»، في مدارس أكثر من 120 مقاطعة و60 مدرسة عامة مستقلة والمدارس الخاصة، كما يقول الناشر.

ويؤكد أحد الأبحاث التي أجريت مؤخرا أن الطلبة الذين يتعلمون منهج «رياضيات سنغافورة» يحققون درجات أعلى في اختبارات الرياضيات الموحدة، ونقل التقرير عن المدرسين قولهم إن البرنامج يساعد حتى الأطفال الصغار على تطوير ثقتهم في قدراتهم الحسابية. لكن مسؤولي المدارس حذروا من أن برنامج «رياضيات سنغافورة» ليس سهلا أو رخيصا لكي يتم تبنيه بنجاح.

ففي بعض المقاطعات، أبدى بعض أعضاء مجالس إدارة بعض المدارس وأولياء الأمور شكوكا حول استيراد برنامج تعليم رياضيات أجنبي. فالكتب تبدو مختلفة عن الكتب القياسية، من حيث قلة الصفحات، والصور الملونة، والرسوم البيانية، والنسخ القديمة تحتوي على إشارات إلى الكاري وفاكهة الرامبوتان الآسيوية.

تتكلف الكتب والمواد بصورة أولية ما بين 40 إلى 52 دولارا للطالب الواحد مقاربة بالبرامج الأخرى في الولايات المتحدة. وكما هو الحال مع برامج الرياضيات الأخرى في الولايات المتحدة ربما تستبدل كتب التدريبات عاما تلو الآخر، لكن تدريب المدرسين يمكن أن يكون مكلفا.

ويقول جيفري توماس، أستاذ التاريخ الذي أسس شركة «SingaporeMath.com» مع زوجته دون، بعد استخدام الكتب لتعليم ابنتهم في المنزل في ضواحي بورتلاند بولاية أوريغون، إن ما يزيد على 10 مدارس بدأت في التخلي عن برنامج «رياضيات سنغافورة»، وكان من بين الأسباب وراء ذلك افتقار المدرسين أنفسهم للخلفية القوية في الرياضيات والتدريب الملائم في البرنامج.

عندما تحولت مقاطعة سكارسدال إلى تعليم برنامج «رياضيات سنغافورة» في مدارسها الابتدائية في عام 2008، زادت من عدد مدربي الرياضيات إلى ثلاثة لمساعدة 110 مدرسي فصول في تعلم المادة، وأنفقت المقاطعة 121 ألف دولار على كتب «الرياضيات الأولية»، و24632 دولارا على المواد الخاصة بالمعلمين.

وخلال حصة رياضيات للصف الرابع، كتب بيل جاكسون بعض الملاحظات، فعلى مدى ما يقرب من ساعة نظر الطلب بعناية إلى رقم واحد هو 82566 (عدد المقاعد في استاد «نيو ميدولاندز»، حيث يلعب فريقا كرة القدم الأميركية غاينتس وغيتس)، حيث قاموا بتكوين الرقم بالمكعبات على سجادة ثم قاموا برسمه بيانيا على لوحة ذكية، وأخيرا قاموا بحل التمارين.

وقال جاكسون إن الطلاب انتقلوا عبر عملية تعليمية من 3 مراحل هي الواقعية، ثم التصويرية الملموسة، وأخيرا المجردة. وتتخطى برامج الرياضيات الأميركية المرحلة الثانية وهو ما يتسبب في تشتت الطلبة عند القفز من المرحلة الواقعية (المكعبات) إلى الأسئلة.

بدأ جاكسون تجربة برنامج «رياضيات سنغافورة» خلال تدريسه في المدرسة (رقم 2) في باترسوم بولاية نيوجيرسي عام 2000، وكانت نتائج الاختبار مختلطة واستبدلته المدرسة بعد 4 أعوام. لكن جاكسون كان يستخدمه عند الحاجة إلى إليه، وقال عن ذلك: «تعلمت المزيد من الرياضيات من (رياضيات سنغافورة) أكثر مما تعلمت خلال المرحلة الثانوية أو الجامعة».

هنا في فرانكلين ليكس، قام الأولاد بتحريك النرد لتشكيل عدد مكون من رقمين أو ثلاثة، ثم اصطفوا معا كل منهم يحمل رقما مختلفا وقاموا بتبادل الأماكن لكي يشكلوا الأعداد من الأصغر إلى الأكبر ثم العكس.

وتؤكد ليندسي بوليفوي، إحدى الطالبات في الفصل أنها ازدادت حبا للرياضيات هذا العام، وقالت: «لا أحب العجلة، فأحيانا ما أصاب بالتوتر وتعرق أصابعي وأجيب إجابة خاطئة».

الدراسة في سنغافورة الدراسة في الخارج





Leave a Reply